کد مطلب:90509 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:462

خطبة له علیه السلام (22)-یخبر فیها أیضا بما یحدث فی آخر الزم















بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِیِّ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقینَ، الْغَالِبِ لِمَقَالِ الْوَاصِفینَ، الظَّاهِرِ بِعَجَائِبِ تَدْبیرِهِ

[صفحه 299]

لِلنَّاظِرینَ، وَ الْبَاطِنِ بِجَلاَلِ عِزَّتِهِ عَنْ فِكْرِ الْمُتَوَهِّمینَ[1].

اَلْعَالِمِ بِلاَ اكْتِسَابٍ وَ لاَ ازْدِیَادٍ، وَ لاَ عِلْمٍ مُسْتَفَادٍ.

اَلْمُقَدِّرِ لِجَمیعِ الأُمُورِ بِلاَ رَوِیَّةٍ وَ لاَ ضَمیرٍ.

اَلَّذی لاَ تَغْشَاهُ الظُّلَمُ وَ لاَ یَسْتَضی ءُ بِالأَنْوَارِ، وَ لاَ یَرْهَقُهُ لَیْلٌ وَ لاَ یَجْری عَلَیْهِ نَهَارٌ.

لَیْسَ إِدْرَاكُهُ بِالأَبْصَارِ، وَ لاَ عِلْمُهُ بِالأَخْبَارِ.

أَحْمَدُهُ عَلی مَا عَرَّفَ مِنْ سَبیلِهِ، وَ أَلْهَمَ مِنْ طَاعَتِهِ، وَ عَلَّمَ مِنْ مَكْنُونِ حِكْمَتِهِ، فَإِنَّهُ مَحْمُودٌ بِكُلِّ مَا یُولی، وَ مَشْكُورٌ بِكُلِّ مَا یُبْلی[2].

وَ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ عَدَلَ، وَ حَكَمٌ فَصَلَ، وَ لَمْ یَنْطِقْ فیهِ نَاطِقٌ بِكَانَ إِلاَّ كَانَ قَبْلَ كَانَ[3].

وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً [ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ ] عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ سَیِّدُ عِبَادِهِ، كُلَّمَا نَسَخَ اللَّهُ الْخَلْقَ فِرْقَتَیْنِ جَعَلَهُ فی خَیْرِهِمَا.

لَمْ یُسْهِمْ فیهِ عَاهِرٌ، وَ لاَ ضَرَبَ فیهِ فَاجِرٌ.

أَرْسَلَهُ بِالضِّیَاءِ، وَ قَدَّمَهُ فِی الاِصْطِفَاءِ[4]، فَرَتَقَ بِهِ الْمَفَاتِقَ، وَ سَاوَرَ بِهِ الْمُغَالِبَ، وَ ذَلَّلَ بِهِ الصُّعُوبَةَ، وَ سَهَّلَ بِهِ الْحُزُونَةَ، حَتَّی سَرَّحَ الضَّلاَلَ، عَنْ یَمینٍ وَ شِمَالٍ.

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالی[5] بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِالْحَقِّ بَشیراً وَ نَذیراً، وَ دَاعِیاً إِلَی اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِرَاجاً مُنیراً، عَوْداً وَ بَدْءاً، وَ عُذْراً وَ نُذْراً[6]، لِیُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ[7] إِلی عِبَادَتِهِ، وَ مِنْ طَاعَةِ الشَّیْطَانِ[8] إِلی طَاعَتِهِ، وَ مِنْ عُهُودِ عِبَادِهِ إِلی عُهُودِهِ، وَ مِنْ

[صفحه 300]

وِلاَیَةِ عِبَادِهِ إِلی وِلاَیَتِهِ، بِحُكْمٍ قَدْ فَصَّلَهُ، وَ تَفْصیلٍ قَدْ[9] أَحْكَمَهُ، وَ قُرْآنٍ قَدْ بَیَّنَهُ، وَ فُرْقَانٍ قَدْ فَرَقَهُ[10]،

لِیَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ بَعْدَ إِذْ جَهِلُوهُ، وَ لِیُقِرُّوا بِهِ بَعْدَ إِذْ جَحَدُوهُ، وَ لِیُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ.

فَتَجَلَّی سُبْحَانَهُ لَهُمْ[11] فی كِتَابِهِ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَكُونُوا رَأَوْهُ، بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ حِلْمِهِ كَیْفَ حَلِمَ، وَ أَرَاهُمْ مِنْ عَفْوِهِ كَیْفَ عَفَا، وَ[12] بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ قُدْرَتِهِ، وَ خَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ، وَ كَیْفَ خَلَقَ مَا خَلَقَ مِنَ الآیَاتِ[13]، وَ كَیْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ بِالْمَثُلاَتِ، وَ احْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ، وَ كَیْفَ رَزَقَ وَ هَدی، وَ أَمَاتَ وَ أَحْیَا، وَ أَرَاهُمْ حُكْمَهُ كَیْفَ حَكَمَ، وَ صَبَرَ حَتَّی یَسْمَعَ مَا یَسْمَعُ، وَ یَری مَا یَری.

فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِذلِكَ.

ثُمَّ[14] إِنَّهُ سَیَأْتی عَلَیْكُمْ مِنْ بَعْدی زَمَانٌ، لَیْسَ فیهِ شَیْ ءٌ أَخْفی مِنَ الْحَقِّ، وَ لاَ أَظْهَرَ مِنَ الْبَاطِلِ، وَ لاَ أَكْثَرَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَی اللَّهِ تَعَالی وَ عَلی[15] رَسُولِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ[16].

وَ لَیْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ سِلْعَةٌ أَبْوَرَ مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِیَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَ لاَ أَنْفَقَ بَیْعاً وَ لاَ أَغْلی ثَمَناً[17] مِنْهُ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَ لاَ فِی الْبِلاَدِ شَیْ ءٌ أَنْكَرَ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَ لاَ أَعْرَفَ مِنَ الْمُنْكَرِ، وَ لَیْسَ فیهَا فَاحِشَةٌ أَنْكَرَ، وَ لاَ عُقُوبَةٌ أَنْكی، مِنَ الْهُدی عِنْدَ الضُّلاَّلِ فی ذَلِكَ الزَّمَانِ[18].

فَقَدْ نَبَذَ الْكِتَابَ حَمَلَتُهُ، وَ تَنَاسَاهُ حَفَظَتُهُ، حَتَّی تَمَالَتْ بِهِمُ الأَهْوَاءُ، وَ تَوَارَثُوا ذَلِكَ مِنَ الآبَاءِ،

وَ عَمِلُوا بِتَحْریفِ الْكِتَابِ كَذِباً وَ تَكْذیباً، وَ بَاعُوهُ بِالْبَخْسِ، وَ كَانُوا فیهِ مِنَ الزَّاهِدینَ[19].

فَالْكِتَابُ یَوْمَئِذٍ وَ أَهْلُهُ[20] طَریدَانِ مَنْفِیَّانِ، وَ صَاحِبَانِ مُصْطَحِبَانِ فی طَریقٍ وَاحِدٍ، لاَ

[صفحه 301]

یُؤْویهِمَا مُؤْوٍ.

فَحَبَّذَا ذَانِكَ الصَّاحِبَانِ، وَاهاً لَهُمَا وَ لِمَا یَعْمَلاَنِ بِهِ[21].

فَالْكِتَابُ وَ أَهْلُهُ[22]، فی ذَلِكَ الزَّمَانِ، فِی النَّاسِ وَ لَیْسَا فیهِمْ، وَ مَعَهُمْ وَ لَیْسَا مَعَهُمْ، وَ ذَلِكَ[23] لأَنَّ الضَّلاَلَةَ لاَ تُوافِقُ الْهُدی وَ إِنِ اجْتَمَعَا.

فَقَدِ اجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَی الْفُرْقَةِ، وَ افْتَرَقُوا عَنِ الْجَمَاعَةِ، قَدْ وَلُّوا أَمْرَهُمْ وَ أَمْرَ دینِهِمْ مَنْ یَعْمَلُ فیهِمْ بِالْمَكْرِ وَ الْمُنْكَرِ، وَ الرُّشَا وَ الْقَتْلِ، لَمْ یُعْظِمْهُمْ عَلی تَحْریفِ الْكِتَابِ تَصْدیقاً لِمَا یَفْعَلُ، وَ تَزْكِیَةً لِفَضْلِهِ، وَ لَمْ یُوَلُّوا أَمْرَهُمْ مَنْ یَعْلَمُ الْكِتَابَ وَ یَعْمَلُ بِالْكِتَابِ، وَ لكِنَّ وَلِیَّهُمْ مَنْ یَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ[24].

كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْكِتَابِ وَ لَیْسَ الْكِتَابُ إِمَامَهُمْ.

فَلَمْ یَبْقَ فیهِمْ مِنَ[25] الإِسْلاَمِ[26] إِلاَّ اسْمُهُ، وَ لاَ یَعْرِفُونَ مِنَ الْقُرْآنِ[27] إِلاَّ خَطَّهُ وَ زَبْرَهُ[28].

یُسَمَّوْنَ بِهِ وَ هُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنْهُ.

یَدْخُلُ الدَّاخِلُ لَمَّا یَسْمَعُ مِنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ، فَلاَ یَطْمَئِنُّ جَالِساً حَتَّی یَخْرُجَ مِنَ الدّینِ.

یَنْتَقِلُ مِنْ دینِ مَلِكٍ إِلی دینِ مَلِكٍ، وَ مِنْ وَلاَیَةِ مَلِكٍ إِلی وِلاَیَةِ مَلِكٍ، وَ مِنْ طَاعَةِ مَلِكٍ إِلی طَاعَةِ مَلِكٍ، وَ مِنْ عُهُودِ مَلِكٍ إِلی عُهُودِ مَلِكٍ.

قَدْ دَانُوا بِغَیْرِ دینِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ أَدَانُوا لِغَیْرِ اللَّهِ ضُلاَّلاً تَائِهینَ، حَتَّی تَوَالَدُوا فِی الْمَعْصِیَةِ،

وَ دَانُوا بِالْجَوْرِ، وَ بَدَّلُوا سُنَّةَ اللَّهِ، وَ تَعَدَّوْا حُدُودَهُ، فَاسْتَدْرَجَهُمُ اللَّهُ تَعَالی مِنْ حَیْثُ لاَ یَعْلَمُونَ بِالأَمَلِ وَ الرَّجَاءِ، وَ إِنَّ كَیْدَهُ مَتینٌ.

وَ الْكِتَابُ لَمْ یَضْرِبْ عَنْ شَیْ ءٍ مِنْهُ صَفْحاً[29].

[صفحه 302]

وَ یَأْتی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ، مَسَاجِدُهُمْ یَوْمَئِذٍ عَامِرَةٌ مِنَ الْبُنی[30]، وَ قُلُوبُهُمْ خَرِبَةٌ[31] مِنَ الْهُدی، قَدْ بُدِّلَتْ سُنَّةُ اللَّهِ، وَ تُعُدَّتْ حُدُودهُ، فَ[32] سُكَّانُها[33] وَ عُمَّارُهَا أَخَائِبُ خَلْقِ اللَّهِ وَ خَلیقَتِهِ.

عُلَمَاؤُهُمْ[34] شَرُّ أَهْلِ الأَرْضِ[35]، لاَ یَدْعُونَ إِلَی الْهُدی، وَ لاَ یَقْسِمُونَ الْفَی ءَ، وَ لاَ یُوفُونَ بِذِمَّةٍ،

یَدْعُونَ الْقَتیلَ مِنْهُمْ عَلی ذَلِكَ شَهیداً.

قَدْ أَتَوُا اللَّهَ بِالاِفْتِرَاءِ وَ الْجُحُودِ، وَ اسْتَغْنَوْا بِالْجَهْلِ عَنِ الْعِلْمِ[36].

وَ مِنْ قَبْلُ مَا مَثَّلُوا بِالصَّالِحینَ كُلَّ مُثْلَةٍ، وَ سَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَی اللَّهِ فِرْیَةً، وَ جَعَلُوا فِی الْحَسَنَةِ عُقُوبَةَ السَّیِّئَةِ.

مِنْ عِنْدِهِمْ جَرَتِ الضَّلاَلَةُ، وَ إِلَیْهِمْ تَعُودُ[37]، [ وَ ] مِنْهُمْ[38] تَخْرُجُ الْفِتْنَةُ، وَ إِلَیْهِمْ تَأْوِی الْخَطیئَةُ.

یَرُدُّونَ مَنْ شَذَّ عَنْهَا فیهَا، وَ یَسُوقُونَ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا إِلَیْهَا.

فَحُضُورُ مَسَاجِدِهِمْ وَ الْمَشْیُ إِلَیْهَا كُفْرٌ بِاللَّهِ الْعَظیمِ، إِلاَّ مَنْ مَشی إِلَیْهَا وَ هُوَ عَارِفٌ بِضَلاَلِهِمْ[39].

یَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی: فَبی حَلَفْتُ لأَبْعَثَنَّ عَلی أُولئِكَ فِتْنَةً تَتْرُكُ الْحَلیمَ[40] فیهَا حَیْرَانَ.

وَ قَدْ فَعَلَ، وَ نَحْنُ نَسْتَقیلُ اللَّهَ عَثْرَةَ الْغَفْلَةِ.

[ وَ ] یَأْتی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ، یَعَضُّ الْمُوسِرُ فیهِ عَلَی مَا فی یَدَیْهِ وَ یَنْسَی

[صفحه 303]

الْفَضْلَ[41]، وَ لَمْ یُؤْمَرْ بِذَلِكَ[42]. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی: وَ لاَ تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَیْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصیراً[43].

وَ یَأْتی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ[44] تَنْهَدُ فیهِ الأَشْرَارُ، وَ تُسْتَذَلُّ فیهِ الأَخْیَارُ، وَ یُبَایِعُ الْمُضْطَرُّونَ،

وَ قَدْ نَهی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَنْ بِیَعِ الْمُضْطَرّینَ، وَ عَنْ بَیْعِ الْغَرَرِ، وَ عَنْ بَیْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكَ[45].

[ وَ ] یَأتی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ یُقَرَّبُ فیهِ إِلاَّ الْمَاحِلُ[46]، وَ لاَ یُظَرَّفُ فیهِ إِلاَّ الْفَاجِرُ، وَ لاَ یُضَعَّفُ فیهِ إِلاَّ الْمُنْصِفُ.

یَعُدُّونَ[47] الصَّدَقَةَ فیهِ مَغْرَماً، وَ الْفَیْ ءَ مَغْنَماً[48]، وَ صِلَةَ الرَّحِمِ مَنّاً، وَ الْعِبَادَةَ اسْتِطَالَةً عَلَی النَّاسِ، وَ الْعِلْمَ مَتْجَراً، وَ یَظْهَرُ عَلَیْهِمُ الْهَوی، وَ یَخْفی مِنْهُمُ الْهُدی[49].

فَعِنْدَ ذَلِكَ یَكُونُ السُّلْطَانُ بِمَشُورَةِ الإِمَاءِ[50]، وَ إِمَارِةِ الصِّبْیَانِ، وَ تَدْبیرِ الْخِصْیَانِ.

أَیُهَا النَّاسُ، إِنَّهُ مَنِ اسْتَنْصَحَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ[51] وُفِّقَ، وَ مَنِ اتَّخَذَ قَوْلَهُ دَلیلاً هُدِیَ[52] لِلَّتی هِیَ أَقْوَمُ[53]، وَ وَفَّقَهُ لِلرَّشَادِ، وَ سَدَّدَهُ وَ یَسَّرَهُ لِلْحُسْنی[54].

[صفحه 304]

فَإِنَّ جَارَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ[55] آمِنٌ مَحْفُوظٌ[56]، وَ عَدُوَّهُ خَائِفٌ مَغْرُورٌ.

فَاحْتَرِسُوا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ، وَ اخْشَوْا مِنْهُ بِالتُّقی، وَ تَقَرَّبُوا إِلَیْهِ بِالطَّاعَةِ، فَإِنَّهُ قَریبٌ مُجیبٌ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِذَا سَأَلَكَ عِبَادی عَنّی فَإِنّی قَریبٌ أُجیبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْیَسْتَجیبُوا لی وَ لْیُؤْمِنُوا بی لَعَلَّهُمْ یَرْشُدُونَ[57].

فَاسْتَجیبُوا للَّهِ، وَ آمِنُوا بِهِ، وَ لاَ یُلْهِیَنَّكُمُ الأَمَلُ، وَ لاَ یَطُولَنَّ عَلَیْكُمُ الأَجَلُ، فَ[58] إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِطُولِ آمَالِهِمْ، وَ تَغَیُّبِ[59] آجَالِهِمْ، حَتَّی نَزَلَ بِهِمُ الْمَوْعُودُ، الَّذی تُرَدُّ عَنْهُ الْمَعْذِرَةُ، وَ تُرْفَعُ عَنْهُ[60] التَّوْبَةُ، وَ تَحُلُّ مَعَهُ الْقَارِعَةُ وَ النَّقْمَةُ.

وَ قَدْ أَبْلَغَ اللَّهُ إِلَیْكُمْ بِالْوَعْدِ، وَ فَصَّلَ لَكُمُ الْقَوْلَ، وَ أَعْلَمَكُمُ السُّنَّةَ، وَ شَرَعَ لَكُمُ الْمَنَاهِجَ، وَ حَثَّكُمْ عَلَی الذِّكْرِ، وَ دَلَّكُمْ عَلَی النَّجَاةِ.

أَلاَ[61] وَ إِنَّهُ لاَ یَنْبَغی لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ[62] أَنْ یَتَعَظَّمَ، فَإِنَّ رِفْعَةَ الَّذینَ یَعْلَمُونَ مَا عَظَمَتُهُ أَنْ یَتَوَاضَعُوا لَهُ، وَ عِزَّ الَّذینَ یَعْلَمُونَ مَا جَلاَلُهُ أَنْ یَذِلُّوا لَهُ[63]، وَ سَلاَمَةَ الَّذینَ یَعْلَمُونَ مَا قُدْرَتُهُ أَنْ یَسْتَسْلِمُوا[64] لَهُ، فَلاَ یُنْكِرُونَ أَنْفُسَهُمْ بَعْدَ حَدِّ الْمَعْرِفَةِ، وَ لاَ یَضِلُّونَ بَعْدَ الْهُدی.

هذَا كِتَابُ اللَّهِ بَیْنَ أَظْهُرِنَا، بِهِ أَقْرَرْنَا، وَ لَهُ أَسْلَمْنَا، وَ عَهْدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ سیرَتُهُ فینَا، لاَ یَجْهَلُ ذَلِكَ إِلاَّ جَاهِلٌ مُخَالِفٌ مُعَانِدٌ عَنِ الْحَقِّ[65].

فَلاَ تَنْفِرُوا مِنَ الْحَقِّ نِفَارَ الصَّحیحِ مِنَ الأَجْرَبِ، وَ الْبَاری مِنْ ذِی السَّقَمِ.

وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوَا الرُّشْدَ حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذی تَرَكَهُ، وَ لَنْ تَأْخُذُوا بِمیثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّی

[صفحه 305]

تَعْرِفُوا الَّذی نَقَضَهُ، وَ لَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذی نَبَذَهُ، وَ لَنْ تَتْلُوهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذی حَرَّفَهُ، وَ لَنْ تَعْرِفُوا الضَّلاَلَةَ حَتَّی تَعْرِفُوا الْهُدی، وَ لَنْ تَعْرِفُوا التَّقْوی حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذی تَعَدَّی.

فَإِذَا عَرَفْتُمْ ذَلِكَ عَرَفْتُمُ الْبِدَعَ وَ التَكَلُّفَ، وَ رَأَیْتُمُ الْفِرْیَةَ عَلَی اللَّهِ وَ عَلی رَسُولِهِ، وَ التَّحْریفَ لِكِتَابِهِ، وَ رَأَیْتُمْ كَیْفَ هَدَی اللَّهُ مَنْ هَدی.

فَلاَ یُجْهِلَنَّكُمُ الَّذینَ لاَ یَعْلَمُونَ، فَإِنَّ الْقُرْآنِ لاَ یَعْلَمُ عِلْمَهُ إِلاَّ مَنْ ذَاقَ طَعْمَهُ، فَعَلَّمَ بِالْعِلْمِ جَهْلَهُ،

وَ بَصَّرَ بِهِ عَمَاهُ، وَ سَمَّعَ بِهِ صَمَمَهُ، وَ أَدْرَكَ بِهِ عِلْمَ مَا فَاتَ، وَ حَیَا بِهِ بَعْدَ إِذْ مَاتَ، وَ أَثْبَتَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ ذِكُرُهُ بِهِ الْحَسَنَاتِ، وَ مَحَا بِهِ السَّیِّئَاتِ، فَأَدْرَكَ بِهِ رِضْوَاناً مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالی[66].

فَالْتَمِسُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ خَاصَّةً[67]، فَإِنَّهُمْ نُورٌ یُسْتَضَاءُ بِهِ، وَ أَئِمَّةٌ یُقْتَدی بِهِمْ، وَ[68] هُمْ عَیْشُ الْعِلْمِ، وَ مَوْتُ الْجَهْلِ.

هُمُ الَّذینَ یُخْبِرُ حُكْمُهُمْ[69] عَنْ عِلْمِهِمْ، وَ صَمْتُهُمْ عَنْ حُكْمِ مَنْطِقِهِمْ، وَ ظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ.

فَهُمْ[70] كَرَائِمُ الْقُرْآنِ[71]، وَ هُمْ كُنُوزُ الرَّحْمنِ، وَ مَعَادِنُ الاِحْسَانِ[72].

إِنْ نَطَقُوا صَدَقُوا، وَ إِنْ صَمَتُوا لَمْ یُسْبَقُوا، وَ إِنْ حَكَمُوا عَدَلُوا، وَ إِنْ حَاجُّوا خُصِمُوا[73].

لاَ یُخَالِفُونَ الْحَقَّ[74] وَ لاَ یَخْتَلِفُونَ فیهِ، فَهُوَ بَیْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ، وَ صَامِتٌ نَاطِقٌ.

وَ هُمْ دَعَائِمُ الإِسْلاَمِ، وَ وَلاَئِجُ الاِعْتِصَامِ.

بِهِمْ عَادَ الْحَقُّ إِلی نِصَابِهِ، وَ انْزَاحَ الْبَاطِلُ عَنْ مُقَامِهِ، وَ انْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ مَنْبِتِهِ.

قَدْ خَلَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ سَابِقَةٌ، وَ مَضی فیهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالی حُكْمٌ صَادِقٌ، وَ فی ذَلِكَ ذِكْری لِلذَّاكِرینَ.

[صفحه 306]

فَ[75] اعْقِلُوا الدّینَ[76] إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ وِعَایَةٍ وَ رِعَایَةٍ، وَ لاَ تَعْقِلُوهُ[77] عَقْلَ سَمَاعٍ وَ رِوَایَةٍ، فَإِنَّ رُواةَ الْعِلْمِ كَثیرٌ، وَ رُعَاتَهُ قَلیلٌ، [ وَ ] كَثْرَةُ الْعِلْمِ فی غَیْرِ طَاعَةِ اللَّهِ مَادَّةُ الذُّنُوبِ.

وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ[78].


صفحه 299، 300، 301، 302، 303، 304، 305، 306.








    1. المفكّرین. ورد فی نسخة نصیری ص 137. و نسخة الآملی ص 184.
    2. ورد فی مختصر بصائر الدرجات للحلّی ص 195.
    3. ورد فی المصدر السابق.
    4. بالاصطفاء. ورد فی نسخة نصیری ص 137.
    5. ورد فی الكافی للكلینی ج 8 ص 317. و مستدرك نهج البلاغة لكاشف الغطاء ص 36. و نهج البلاغة الثانی للحائری ص 129.
    6. ورد فی المصادر السابقة.
    7. عباده. ورد فی الكافی للكلینی ج 8 ص 317. باختلاف.
    8. عباده. ورد فی المصدر السابق.
    9. ورد فی الكافی للكلینی ج 8 ص 317.
    10. ورد فی المصدر السابق.
    11. فتجلّی لهم سبحانه. ورد فی نسخة العطاردی ص 165.
    12. ورد فی الكافی للكلینی ج 8 ص 317.
    13. ورد فی المصدر السابق.
    14. ورد فی المصدر السابق.
    15. ورد فی المصدر السابق.
    16. ورد فی المصدر السابق.
    17. ورد فی المصدر السابق. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 36. و نهج البلاغة الثانی ص 129. باختلاف یسیر.
    18. ورد فی المصادر السابقة. باختلاف یسیر.
    19. یوسف، 20. و الفقرة وردت فی الكافی ج 8 ص 317. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 36. و نهج البلاغة الثانی ص 129.

      باختلاف یسیر.

    20. فالكتاب و أهله فی ذلك الزّمان. ورد فی الكافی للكلینی ج 8 ص 318. باختلاف یسیر.
    21. ورد فی الكافی للكلینی ج 8 ص 318.
    22. و أهل الكتاب. ورد فی المصدر السابق.
    23. ورد فی المصدر السابق.
    24. ورد فی المصدر السابق. باختلاف یسیر.
    25. عندهم منه. ورد فی نسخ النهج.
    26. من الحقّ. ورد فی الكافی للكلینی ج 8 ص 318.
    27. الكتاب. ورد فی المصدر السابق.
    28. رسمه. ورد فی نسخ النهج.
    29. ورد فی الكافی ج 8 ص 256 و 318. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 36. و نهج البلاغة الثانی ص 129. باختلاف یسیر.
    30. من الضّلالة. ورد فی الكافی للكلینی ج 8 ص 318.
    31. خراب. ورد فی نسخ النهج. و الفقرة وردت فی كنز العمال للهندی ج 16 ص 197.
    32. ورد فی الكافی ج 8 ص 318. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 36. و نهج البلاغة الثانی ص 129. باختلاف یسیر.
    33. قرّاؤها. ورد فی الكافی للكلینی ج 8 ص 318.
    34. ورد فی الجوهرة للبرّی ص 86. و كنز العمال للهندی ج 11 ص 181 و 280.
    35. شرّ من تحت أدیم السّماء. ورد فی المصدرین السابقین.
    36. ورد فی الكافی للكلینی ج 8 ص 318.
    37. ورد فی المصدر السابق.
    38. من عندهم. ورد فی كنز العمال للهندی ج 11 ص 280.
    39. ورد فی الكافی للكلینی ج 8 ص 318.
    40. الحكیم. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 495. و نسخة الأسترابادی ص 601.
    41. ورد فی الدر المنثور للسیوطی ج 1 ص 293.
    42. و قد نهی اللّه عن ذلك. ورد فی المصدر السابق.
    43. البقرة، 237. و وردت تكملة الآیة فی المصدر السابق. و صحیفة الإمام الرضا ( ع ) ص 84.
    44. ورد فی صحیفة الإمام الرضا ( ع ) ص 84.
    45. ورد فی المصدر السابق. و عیون أخبار الرضا ج 2 ص 45. و جامع الأصول ج 1 ص 442. و كنز العمال ج 4 ص 168. باختلاف.
    46. الماجن. ورد فی هامش نسخة ابن المؤدب ص 316. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 385.
    47. یتّخذون. ورد فی تاریخ الیعقوبی ج 2 ص 209. و نثر الدرّ للآبی ج 1 ص 277. و الجوهرة ص 85.
    48. غرما ورد فی نسخ النهج. و الفقرة وردت فی المصادر السابقة.
    49. ورد فی تاریخ الیعقوبی ج 2 ص 209. و غرر الحكم للآمدی ج 2 ص 879. باختلاف.
    50. النّساء. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی المكتبة الظاهریة ص 447. و نسخة عبده ص 679. و نسخة الصالح ص 486. و ورد سلطان النّساء فی تاریخ الیعقوبی ج 2 ص 209. و نثر الدرّ للآبی ج 1 ص 277. و الجوهرة ص 85.
    51. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 2 ص 685.
    52. استدلّ بقوله هداه. ورد فی مستدرك نهج البلاغة لكاشف الغطاء ص 37. و نهج البلاغة الثانی للحائری ص 131.
    53. الإسراء، 9.
    54. ورد فی الكافی ج 8 ص 319. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 37. و نهج البلاغة الثانی ص 131.
    55. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 1 ص 369.
    56. ورد فی الكافی ج 8 ص 319. و مستدرك نهج البلاغة لكاشف الغطاء ص 37. و نهج البلاغة الثانی ص 131.
    57. البقرة، 186.
    58. ورد فی الكافی ج 8 ص 319. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 37. و نهج البلاغة الثانی ص 131. باختلاف بین المصادر.
    59. بعد. ورد فی نسخة نصیری ص 78.
    60. عنده. ورد فی مستدرك نهج البلاغة لكاشف الغطاء ص 37. و نهج البلاغة الثانی للحائری ص 131. باختلاف.
    61. ورد فی المصدرین السابقین.
    62. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 2 ص 844.
    63. ورد فی الكافی ج 8 ص 319. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 37. و نهج البلاغة الثانی ص 131. باختلاف.
    64. یسلّموا. ورد فی نسخة نصیری ص 78.
    65. ورد فی الكافی ج 8 ص 319. و تحف العقول ص 129. و نهج السعادة ج 1 ص 213. باختلاف بین المصادر.
    66. ورد فی الكافی ج 8 ص 319. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 37. و نهج البلاغة الثانی ص 131. باختلاف.
    67. ورد فی الكافی للكلینی ج 8 ص 319.
    68. ورد فی المصدر السابق. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 37. و نهج البلاغة الثانی ص 131. باختلاف.
    69. حلمهم. ورد فی نسخ النهج.
    70. فیهم. ورد فی نسخ النهج.
    71. الإیمان. ورد فی نسخ النهج.
    72. ورد فی غرر الحكم للآمدی ج 2 ص 798.
    73. ورد فی المصدر السابق.
    74. الدّین. ورد فی نسخ النهج.
    75. ورد فی الكافی للكلینی ج 8 ص 320.
    76. الخبر. ورد فی نسخ النهج بروایة ثانیة. و ورد الحقّ. فی الكافی ج 8 ص 320. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 37. و نهج البلاغة الثانی ص 131.
    77. ورد فی المصادر السابقة.
    78. ورد فی المصادر السابقة.