کد مطلب:90509 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:462
[صفحه 299] لِلنَّاظِرینَ، وَ الْبَاطِنِ بِجَلاَلِ عِزَّتِهِ عَنْ فِكْرِ الْمُتَوَهِّمینَ[1]. اَلْعَالِمِ بِلاَ اكْتِسَابٍ وَ لاَ ازْدِیَادٍ، وَ لاَ عِلْمٍ مُسْتَفَادٍ. اَلْمُقَدِّرِ لِجَمیعِ الأُمُورِ بِلاَ رَوِیَّةٍ وَ لاَ ضَمیرٍ. اَلَّذی لاَ تَغْشَاهُ الظُّلَمُ وَ لاَ یَسْتَضی ءُ بِالأَنْوَارِ، وَ لاَ یَرْهَقُهُ لَیْلٌ وَ لاَ یَجْری عَلَیْهِ نَهَارٌ. لَیْسَ إِدْرَاكُهُ بِالأَبْصَارِ، وَ لاَ عِلْمُهُ بِالأَخْبَارِ. أَحْمَدُهُ عَلی مَا عَرَّفَ مِنْ سَبیلِهِ، وَ أَلْهَمَ مِنْ طَاعَتِهِ، وَ عَلَّمَ مِنْ مَكْنُونِ حِكْمَتِهِ، فَإِنَّهُ مَحْمُودٌ بِكُلِّ مَا یُولی، وَ مَشْكُورٌ بِكُلِّ مَا یُبْلی[2]. وَ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ عَدَلَ، وَ حَكَمٌ فَصَلَ، وَ لَمْ یَنْطِقْ فیهِ نَاطِقٌ بِكَانَ إِلاَّ كَانَ قَبْلَ كَانَ[3]. وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً [ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ ] عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ سَیِّدُ عِبَادِهِ، كُلَّمَا نَسَخَ اللَّهُ الْخَلْقَ فِرْقَتَیْنِ جَعَلَهُ فی خَیْرِهِمَا. لَمْ یُسْهِمْ فیهِ عَاهِرٌ، وَ لاَ ضَرَبَ فیهِ فَاجِرٌ. أَرْسَلَهُ بِالضِّیَاءِ، وَ قَدَّمَهُ فِی الاِصْطِفَاءِ[4]، فَرَتَقَ بِهِ الْمَفَاتِقَ، وَ سَاوَرَ بِهِ الْمُغَالِبَ، وَ ذَلَّلَ بِهِ الصُّعُوبَةَ، وَ سَهَّلَ بِهِ الْحُزُونَةَ، حَتَّی سَرَّحَ الضَّلاَلَ، عَنْ یَمینٍ وَ شِمَالٍ. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالی[5] بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِالْحَقِّ بَشیراً وَ نَذیراً، وَ دَاعِیاً إِلَی اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِرَاجاً مُنیراً، عَوْداً وَ بَدْءاً، وَ عُذْراً وَ نُذْراً[6]، لِیُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ[7] إِلی عِبَادَتِهِ، وَ مِنْ طَاعَةِ الشَّیْطَانِ[8] إِلی طَاعَتِهِ، وَ مِنْ عُهُودِ عِبَادِهِ إِلی عُهُودِهِ، وَ مِنْ [صفحه 300] وِلاَیَةِ عِبَادِهِ إِلی وِلاَیَتِهِ، بِحُكْمٍ قَدْ فَصَّلَهُ، وَ تَفْصیلٍ قَدْ[9] أَحْكَمَهُ، وَ قُرْآنٍ قَدْ بَیَّنَهُ، وَ فُرْقَانٍ قَدْ فَرَقَهُ[10]، لِیَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ بَعْدَ إِذْ جَهِلُوهُ، وَ لِیُقِرُّوا بِهِ بَعْدَ إِذْ جَحَدُوهُ، وَ لِیُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ. فَتَجَلَّی سُبْحَانَهُ لَهُمْ[11] فی كِتَابِهِ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَكُونُوا رَأَوْهُ، بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ حِلْمِهِ كَیْفَ حَلِمَ، وَ أَرَاهُمْ مِنْ عَفْوِهِ كَیْفَ عَفَا، وَ[12] بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ قُدْرَتِهِ، وَ خَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ، وَ كَیْفَ خَلَقَ مَا خَلَقَ مِنَ الآیَاتِ[13]، وَ كَیْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ بِالْمَثُلاَتِ، وَ احْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ، وَ كَیْفَ رَزَقَ وَ هَدی، وَ أَمَاتَ وَ أَحْیَا، وَ أَرَاهُمْ حُكْمَهُ كَیْفَ حَكَمَ، وَ صَبَرَ حَتَّی یَسْمَعَ مَا یَسْمَعُ، وَ یَری مَا یَری. فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِذلِكَ. ثُمَّ[14] إِنَّهُ سَیَأْتی عَلَیْكُمْ مِنْ بَعْدی زَمَانٌ، لَیْسَ فیهِ شَیْ ءٌ أَخْفی مِنَ الْحَقِّ، وَ لاَ أَظْهَرَ مِنَ الْبَاطِلِ، وَ لاَ أَكْثَرَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَی اللَّهِ تَعَالی وَ عَلی[15] رَسُولِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ[16]. وَ لَیْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ سِلْعَةٌ أَبْوَرَ مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِیَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَ لاَ أَنْفَقَ بَیْعاً وَ لاَ أَغْلی ثَمَناً[17] مِنْهُ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَ لاَ فِی الْبِلاَدِ شَیْ ءٌ أَنْكَرَ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَ لاَ أَعْرَفَ مِنَ الْمُنْكَرِ، وَ لَیْسَ فیهَا فَاحِشَةٌ أَنْكَرَ، وَ لاَ عُقُوبَةٌ أَنْكی، مِنَ الْهُدی عِنْدَ الضُّلاَّلِ فی ذَلِكَ الزَّمَانِ[18]. فَقَدْ نَبَذَ الْكِتَابَ حَمَلَتُهُ، وَ تَنَاسَاهُ حَفَظَتُهُ، حَتَّی تَمَالَتْ بِهِمُ الأَهْوَاءُ، وَ تَوَارَثُوا ذَلِكَ مِنَ الآبَاءِ، وَ عَمِلُوا بِتَحْریفِ الْكِتَابِ كَذِباً وَ تَكْذیباً، وَ بَاعُوهُ بِالْبَخْسِ، وَ كَانُوا فیهِ مِنَ الزَّاهِدینَ[19]. فَالْكِتَابُ یَوْمَئِذٍ وَ أَهْلُهُ[20] طَریدَانِ مَنْفِیَّانِ، وَ صَاحِبَانِ مُصْطَحِبَانِ فی طَریقٍ وَاحِدٍ، لاَ [صفحه 301] یُؤْویهِمَا مُؤْوٍ. فَحَبَّذَا ذَانِكَ الصَّاحِبَانِ، وَاهاً لَهُمَا وَ لِمَا یَعْمَلاَنِ بِهِ[21]. فَالْكِتَابُ وَ أَهْلُهُ[22]، فی ذَلِكَ الزَّمَانِ، فِی النَّاسِ وَ لَیْسَا فیهِمْ، وَ مَعَهُمْ وَ لَیْسَا مَعَهُمْ، وَ ذَلِكَ[23] لأَنَّ الضَّلاَلَةَ لاَ تُوافِقُ الْهُدی وَ إِنِ اجْتَمَعَا. فَقَدِ اجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَی الْفُرْقَةِ، وَ افْتَرَقُوا عَنِ الْجَمَاعَةِ، قَدْ وَلُّوا أَمْرَهُمْ وَ أَمْرَ دینِهِمْ مَنْ یَعْمَلُ فیهِمْ بِالْمَكْرِ وَ الْمُنْكَرِ، وَ الرُّشَا وَ الْقَتْلِ، لَمْ یُعْظِمْهُمْ عَلی تَحْریفِ الْكِتَابِ تَصْدیقاً لِمَا یَفْعَلُ، وَ تَزْكِیَةً لِفَضْلِهِ، وَ لَمْ یُوَلُّوا أَمْرَهُمْ مَنْ یَعْلَمُ الْكِتَابَ وَ یَعْمَلُ بِالْكِتَابِ، وَ لكِنَّ وَلِیَّهُمْ مَنْ یَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ[24]. كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْكِتَابِ وَ لَیْسَ الْكِتَابُ إِمَامَهُمْ. فَلَمْ یَبْقَ فیهِمْ مِنَ[25] الإِسْلاَمِ[26] إِلاَّ اسْمُهُ، وَ لاَ یَعْرِفُونَ مِنَ الْقُرْآنِ[27] إِلاَّ خَطَّهُ وَ زَبْرَهُ[28]. یُسَمَّوْنَ بِهِ وَ هُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنْهُ. یَدْخُلُ الدَّاخِلُ لَمَّا یَسْمَعُ مِنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ، فَلاَ یَطْمَئِنُّ جَالِساً حَتَّی یَخْرُجَ مِنَ الدّینِ. یَنْتَقِلُ مِنْ دینِ مَلِكٍ إِلی دینِ مَلِكٍ، وَ مِنْ وَلاَیَةِ مَلِكٍ إِلی وِلاَیَةِ مَلِكٍ، وَ مِنْ طَاعَةِ مَلِكٍ إِلی طَاعَةِ مَلِكٍ، وَ مِنْ عُهُودِ مَلِكٍ إِلی عُهُودِ مَلِكٍ. قَدْ دَانُوا بِغَیْرِ دینِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ أَدَانُوا لِغَیْرِ اللَّهِ ضُلاَّلاً تَائِهینَ، حَتَّی تَوَالَدُوا فِی الْمَعْصِیَةِ، وَ دَانُوا بِالْجَوْرِ، وَ بَدَّلُوا سُنَّةَ اللَّهِ، وَ تَعَدَّوْا حُدُودَهُ، فَاسْتَدْرَجَهُمُ اللَّهُ تَعَالی مِنْ حَیْثُ لاَ یَعْلَمُونَ بِالأَمَلِ وَ الرَّجَاءِ، وَ إِنَّ كَیْدَهُ مَتینٌ. وَ الْكِتَابُ لَمْ یَضْرِبْ عَنْ شَیْ ءٍ مِنْهُ صَفْحاً[29]. [صفحه 302] وَ یَأْتی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ، مَسَاجِدُهُمْ یَوْمَئِذٍ عَامِرَةٌ مِنَ الْبُنی[30]، وَ قُلُوبُهُمْ خَرِبَةٌ[31] مِنَ الْهُدی، قَدْ بُدِّلَتْ سُنَّةُ اللَّهِ، وَ تُعُدَّتْ حُدُودهُ، فَ[32] سُكَّانُها[33] وَ عُمَّارُهَا أَخَائِبُ خَلْقِ اللَّهِ وَ خَلیقَتِهِ. عُلَمَاؤُهُمْ[34] شَرُّ أَهْلِ الأَرْضِ[35]، لاَ یَدْعُونَ إِلَی الْهُدی، وَ لاَ یَقْسِمُونَ الْفَی ءَ، وَ لاَ یُوفُونَ بِذِمَّةٍ، یَدْعُونَ الْقَتیلَ مِنْهُمْ عَلی ذَلِكَ شَهیداً. قَدْ أَتَوُا اللَّهَ بِالاِفْتِرَاءِ وَ الْجُحُودِ، وَ اسْتَغْنَوْا بِالْجَهْلِ عَنِ الْعِلْمِ[36]. وَ مِنْ قَبْلُ مَا مَثَّلُوا بِالصَّالِحینَ كُلَّ مُثْلَةٍ، وَ سَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَی اللَّهِ فِرْیَةً، وَ جَعَلُوا فِی الْحَسَنَةِ عُقُوبَةَ السَّیِّئَةِ. مِنْ عِنْدِهِمْ جَرَتِ الضَّلاَلَةُ، وَ إِلَیْهِمْ تَعُودُ[37]، [ وَ ] مِنْهُمْ[38] تَخْرُجُ الْفِتْنَةُ، وَ إِلَیْهِمْ تَأْوِی الْخَطیئَةُ. یَرُدُّونَ مَنْ شَذَّ عَنْهَا فیهَا، وَ یَسُوقُونَ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا إِلَیْهَا. فَحُضُورُ مَسَاجِدِهِمْ وَ الْمَشْیُ إِلَیْهَا كُفْرٌ بِاللَّهِ الْعَظیمِ، إِلاَّ مَنْ مَشی إِلَیْهَا وَ هُوَ عَارِفٌ بِضَلاَلِهِمْ[39]. یَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی: فَبی حَلَفْتُ لأَبْعَثَنَّ عَلی أُولئِكَ فِتْنَةً تَتْرُكُ الْحَلیمَ[40] فیهَا حَیْرَانَ. وَ قَدْ فَعَلَ، وَ نَحْنُ نَسْتَقیلُ اللَّهَ عَثْرَةَ الْغَفْلَةِ. [ وَ ] یَأْتی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ، یَعَضُّ الْمُوسِرُ فیهِ عَلَی مَا فی یَدَیْهِ وَ یَنْسَی [صفحه 303] الْفَضْلَ[41]، وَ لَمْ یُؤْمَرْ بِذَلِكَ[42]. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی: وَ لاَ تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَیْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصیراً[43]. وَ یَأْتی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ[44] تَنْهَدُ فیهِ الأَشْرَارُ، وَ تُسْتَذَلُّ فیهِ الأَخْیَارُ، وَ یُبَایِعُ الْمُضْطَرُّونَ، وَ قَدْ نَهی رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَنْ بِیَعِ الْمُضْطَرّینَ، وَ عَنْ بَیْعِ الْغَرَرِ، وَ عَنْ بَیْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكَ[45]. [ وَ ] یَأتی عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ یُقَرَّبُ فیهِ إِلاَّ الْمَاحِلُ[46]، وَ لاَ یُظَرَّفُ فیهِ إِلاَّ الْفَاجِرُ، وَ لاَ یُضَعَّفُ فیهِ إِلاَّ الْمُنْصِفُ. یَعُدُّونَ[47] الصَّدَقَةَ فیهِ مَغْرَماً، وَ الْفَیْ ءَ مَغْنَماً[48]، وَ صِلَةَ الرَّحِمِ مَنّاً، وَ الْعِبَادَةَ اسْتِطَالَةً عَلَی النَّاسِ، وَ الْعِلْمَ مَتْجَراً، وَ یَظْهَرُ عَلَیْهِمُ الْهَوی، وَ یَخْفی مِنْهُمُ الْهُدی[49]. فَعِنْدَ ذَلِكَ یَكُونُ السُّلْطَانُ بِمَشُورَةِ الإِمَاءِ[50]، وَ إِمَارِةِ الصِّبْیَانِ، وَ تَدْبیرِ الْخِصْیَانِ. أَیُهَا النَّاسُ، إِنَّهُ مَنِ اسْتَنْصَحَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ[51] وُفِّقَ، وَ مَنِ اتَّخَذَ قَوْلَهُ دَلیلاً هُدِیَ[52] لِلَّتی هِیَ أَقْوَمُ[53]، وَ وَفَّقَهُ لِلرَّشَادِ، وَ سَدَّدَهُ وَ یَسَّرَهُ لِلْحُسْنی[54]. [صفحه 304] فَإِنَّ جَارَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ[55] آمِنٌ مَحْفُوظٌ[56]، وَ عَدُوَّهُ خَائِفٌ مَغْرُورٌ. فَاحْتَرِسُوا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ، وَ اخْشَوْا مِنْهُ بِالتُّقی، وَ تَقَرَّبُوا إِلَیْهِ بِالطَّاعَةِ، فَإِنَّهُ قَریبٌ مُجیبٌ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِذَا سَأَلَكَ عِبَادی عَنّی فَإِنّی قَریبٌ أُجیبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْیَسْتَجیبُوا لی وَ لْیُؤْمِنُوا بی لَعَلَّهُمْ یَرْشُدُونَ[57]. فَاسْتَجیبُوا للَّهِ، وَ آمِنُوا بِهِ، وَ لاَ یُلْهِیَنَّكُمُ الأَمَلُ، وَ لاَ یَطُولَنَّ عَلَیْكُمُ الأَجَلُ، فَ[58] إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِطُولِ آمَالِهِمْ، وَ تَغَیُّبِ[59] آجَالِهِمْ، حَتَّی نَزَلَ بِهِمُ الْمَوْعُودُ، الَّذی تُرَدُّ عَنْهُ الْمَعْذِرَةُ، وَ تُرْفَعُ عَنْهُ[60] التَّوْبَةُ، وَ تَحُلُّ مَعَهُ الْقَارِعَةُ وَ النَّقْمَةُ. وَ قَدْ أَبْلَغَ اللَّهُ إِلَیْكُمْ بِالْوَعْدِ، وَ فَصَّلَ لَكُمُ الْقَوْلَ، وَ أَعْلَمَكُمُ السُّنَّةَ، وَ شَرَعَ لَكُمُ الْمَنَاهِجَ، وَ حَثَّكُمْ عَلَی الذِّكْرِ، وَ دَلَّكُمْ عَلَی النَّجَاةِ. أَلاَ[61] وَ إِنَّهُ لاَ یَنْبَغی لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ[62] أَنْ یَتَعَظَّمَ، فَإِنَّ رِفْعَةَ الَّذینَ یَعْلَمُونَ مَا عَظَمَتُهُ أَنْ یَتَوَاضَعُوا لَهُ، وَ عِزَّ الَّذینَ یَعْلَمُونَ مَا جَلاَلُهُ أَنْ یَذِلُّوا لَهُ[63]، وَ سَلاَمَةَ الَّذینَ یَعْلَمُونَ مَا قُدْرَتُهُ أَنْ یَسْتَسْلِمُوا[64] لَهُ، فَلاَ یُنْكِرُونَ أَنْفُسَهُمْ بَعْدَ حَدِّ الْمَعْرِفَةِ، وَ لاَ یَضِلُّونَ بَعْدَ الْهُدی. هذَا كِتَابُ اللَّهِ بَیْنَ أَظْهُرِنَا، بِهِ أَقْرَرْنَا، وَ لَهُ أَسْلَمْنَا، وَ عَهْدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ سیرَتُهُ فینَا، لاَ یَجْهَلُ ذَلِكَ إِلاَّ جَاهِلٌ مُخَالِفٌ مُعَانِدٌ عَنِ الْحَقِّ[65]. فَلاَ تَنْفِرُوا مِنَ الْحَقِّ نِفَارَ الصَّحیحِ مِنَ الأَجْرَبِ، وَ الْبَاری مِنْ ذِی السَّقَمِ. وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوَا الرُّشْدَ حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذی تَرَكَهُ، وَ لَنْ تَأْخُذُوا بِمیثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّی [صفحه 305] تَعْرِفُوا الَّذی نَقَضَهُ، وَ لَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذی نَبَذَهُ، وَ لَنْ تَتْلُوهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذی حَرَّفَهُ، وَ لَنْ تَعْرِفُوا الضَّلاَلَةَ حَتَّی تَعْرِفُوا الْهُدی، وَ لَنْ تَعْرِفُوا التَّقْوی حَتَّی تَعْرِفُوا الَّذی تَعَدَّی. فَإِذَا عَرَفْتُمْ ذَلِكَ عَرَفْتُمُ الْبِدَعَ وَ التَكَلُّفَ، وَ رَأَیْتُمُ الْفِرْیَةَ عَلَی اللَّهِ وَ عَلی رَسُولِهِ، وَ التَّحْریفَ لِكِتَابِهِ، وَ رَأَیْتُمْ كَیْفَ هَدَی اللَّهُ مَنْ هَدی. فَلاَ یُجْهِلَنَّكُمُ الَّذینَ لاَ یَعْلَمُونَ، فَإِنَّ الْقُرْآنِ لاَ یَعْلَمُ عِلْمَهُ إِلاَّ مَنْ ذَاقَ طَعْمَهُ، فَعَلَّمَ بِالْعِلْمِ جَهْلَهُ، وَ بَصَّرَ بِهِ عَمَاهُ، وَ سَمَّعَ بِهِ صَمَمَهُ، وَ أَدْرَكَ بِهِ عِلْمَ مَا فَاتَ، وَ حَیَا بِهِ بَعْدَ إِذْ مَاتَ، وَ أَثْبَتَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ ذِكُرُهُ بِهِ الْحَسَنَاتِ، وَ مَحَا بِهِ السَّیِّئَاتِ، فَأَدْرَكَ بِهِ رِضْوَاناً مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالی[66]. فَالْتَمِسُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ خَاصَّةً[67]، فَإِنَّهُمْ نُورٌ یُسْتَضَاءُ بِهِ، وَ أَئِمَّةٌ یُقْتَدی بِهِمْ، وَ[68] هُمْ عَیْشُ الْعِلْمِ، وَ مَوْتُ الْجَهْلِ. هُمُ الَّذینَ یُخْبِرُ حُكْمُهُمْ[69] عَنْ عِلْمِهِمْ، وَ صَمْتُهُمْ عَنْ حُكْمِ مَنْطِقِهِمْ، وَ ظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ. فَهُمْ[70] كَرَائِمُ الْقُرْآنِ[71]، وَ هُمْ كُنُوزُ الرَّحْمنِ، وَ مَعَادِنُ الاِحْسَانِ[72]. إِنْ نَطَقُوا صَدَقُوا، وَ إِنْ صَمَتُوا لَمْ یُسْبَقُوا، وَ إِنْ حَكَمُوا عَدَلُوا، وَ إِنْ حَاجُّوا خُصِمُوا[73]. لاَ یُخَالِفُونَ الْحَقَّ[74] وَ لاَ یَخْتَلِفُونَ فیهِ، فَهُوَ بَیْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ، وَ صَامِتٌ نَاطِقٌ. وَ هُمْ دَعَائِمُ الإِسْلاَمِ، وَ وَلاَئِجُ الاِعْتِصَامِ. بِهِمْ عَادَ الْحَقُّ إِلی نِصَابِهِ، وَ انْزَاحَ الْبَاطِلُ عَنْ مُقَامِهِ، وَ انْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ مَنْبِتِهِ. قَدْ خَلَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ سَابِقَةٌ، وَ مَضی فیهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالی حُكْمٌ صَادِقٌ، وَ فی ذَلِكَ ذِكْری لِلذَّاكِرینَ. [صفحه 306] فَ[75] اعْقِلُوا الدّینَ[76] إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ وِعَایَةٍ وَ رِعَایَةٍ، وَ لاَ تَعْقِلُوهُ[77] عَقْلَ سَمَاعٍ وَ رِوَایَةٍ، فَإِنَّ رُواةَ الْعِلْمِ كَثیرٌ، وَ رُعَاتَهُ قَلیلٌ، [ وَ ] كَثْرَةُ الْعِلْمِ فی غَیْرِ طَاعَةِ اللَّهِ مَادَّةُ الذُّنُوبِ. وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ[78].
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِیِّ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقینَ، الْغَالِبِ لِمَقَالِ الْوَاصِفینَ، الظَّاهِرِ بِعَجَائِبِ تَدْبیرِهِ
صفحه 299، 300، 301، 302، 303، 304، 305، 306.
باختلاف یسیر.